السبت، 26 أبريل 2008

كوابيس

(1)




ترى نفسك واقفا على قمة سلالم هي الأطول على الاطلاق من كل السلالم التي رأيتها في حياتك أو جربتها صعودا أو نزولا .. تنظر لها بريبة .. تترك لجسمك العنان .. تستلم للجاذبية الأرضية .. بادئا في الانزلاق على السلالم منبطحا على بطنك .. تسبقك رأسك و تلحق بك قدماك في الوقت الذي يتصادم فيه بلا هوادة صدرك و بطنك و ركبتاك بالسلالم التي تتجاوزها دون ان تشعر بالألم .. فالوقت لا يمنحك الفرصة للشعور بالألم .. أنت تشعر بأن شيئا غريبا لا يفترض به أن يحدث .. يحدث بالفعل .. و انت تفكر بهدوء .. هل يحدث هذا فعلا .. و ينتابك الرعب من هذه اللحظات المؤلمة التي تستقر فيها على الأرض بعد انتهاء عملية الهبوط مدركا في هذه اللحظة كل الآلام المبرحة في كل جزء من جسدك ..




(2)




ترى نفسك و قد استقيظت في موعد ليس موعد استيقاظك و أن شعورا غريبا ينتابك .. شعورا لا تستطيع ان تسميه لانك ببساطة لم تشعر به قبلا كما ان أحدا لم يحك لك عنه .. تشعر و كأن احدهم انشق عنك قائما مخلفا اياك في السرير رابطا قدميك في بعضهما بسلاسل حديدية قوية راميا عليها حجرا لا يقارن في ثقل وزنه و كبر حجمه .. يضع الكمامة على أنفك و فمك تماما كما ترى في الأفلام العربية .. لكنه ليس منزوع القلب و لا عديم الرحمة .. يترك لك ملابسك و غطاءك و يخلف جوار مخدتك بعض الخبز و الماء لتقتات به .. فيبدو كما لو كان ينوي حبسك طويلا .. يفرغ منك ثم يبدأ في العبث بكل أغراضك .. يرمي كل الكتب التي تعتز بها و الروايات التي تعدها زادا و يخرج من حقيبة تراها لأول مرة كتبا أخرى و مجلات تعلوها صور غربية ليضعها في نفس المكان .. ثم ينتقل للعبث في كل ما تطوله يداه .. يرمي الشرائط و يبدل ملابسك بملابس اخرى تختلف عنك و عن ذوقك .. يبدو كما لو كان نوى أن يحتل مكانك في كل شئ .. يصل لموبايلك فيبدأ بتغيير نغمة الرنين .. يمسح الرسائل في صندوق البريد الوارد .. يسجل بعض الأرقام الجديدة و يجري بعض المكالمات من رصيدك الذي اوشك على الانتهاء بل الذي انهاه فعلا بمكالماته الغريبة .. انه لا ينظر لك .. و لا يعتبرك موجودا .. لا يتردد و لا يبدو عليه القلق و هو يعبث بأشيائك ..يخرج من الغرفة و قد ارتدى ملابسه إلا أنك لا زلت تراه و ترى كل ما يفعله بالخارج .. إنه يذهب إلى أماكنك .. يجلس مع اصدقاءك .. يأكل مع أسرتك .. يقبض مرتبك .. إنه يتمادى في العيش كما لو كان أنت .. أنت هادئ و لا ينتابك السخط و هو امر تندهش منه .. و لكن تلح عليك الرغبة في معرفة السبب الذي يجعله ترك عيناك دون تعصيب ..تندهش من برودك و استسلامك له و هو يلغيك و يتجاهلك بهذا الشكل .. تشعر بالرغبة الملحة في البكاء غير انه لا يخطر ببالك أن تبحث عن حل و كل ما تفكر فيه أنه كان أفضل لك لو أغمى عينيك كي لا ترى ما يفعله باسمك و شكلك و صفتك ..




(3)



تراك و قد أصبحت شيئا فشيئا تتحول إلى الشفافية.. ترى الارض خلال يديك كما تظهر لك ألوان الملاية الفاقعة تحتك كلما جلست على السرير ..تنظر للمرآة فترى التابلوه الزهري من خلفك واضحا تماما .. تنتابك الدهشة عندما تمر أختك فتصدم كتفك صدمة عنيفة تؤلمك حقا و لكنها لا تلتفت .. تنهرها و لكنها لا تنظر إليك .. تتسلل إليك الفكرة بانهم لا يروك اصلا ..فقد لاحظت هذا ... فأنت تمد للآخرين يدك ببعض الاغراض فيتناولونها منك ببساطة لأنهم يرونها ولكنهم لا ينظروا إليك .. يأخذوها منك لانهم يحتاجونها متجاهلين تماما المصدر .. غير مجهدين انفسهم بعناء التفكير في أن ثمة أمر غير طبيعي يحدث .. هل اعتادوا حقا على أن تعطى لهم الأشياء وحدها .. و هل اعتادوا ألا يبحثوا عن المصدر .. تحاول ان تناديهم او تحدثهم .. تحاول ان تطلب منهم نصيبك من الطعام .. فأنت تجلس معهم على المائدة غير انه ليس لك عليها طبق .. كما ان طعامك المفضل يوزع عليهم .. تلوح لهم و تطلب في ادب ثم تنادي فلا يجدي الأمر نفعا .. تبدا في الصراخ .. يستمرون في الأكل متبادلين الأحاديث الخفيفة و الضحكات ..تبكي بحرقة و تعلي من صوت بكاءك قاصدا علهم يسمعونك .. غير انهم ينتهون من الطعام و يدخلون للقيلولة .. فتقرر أن ترتاح على سريرك لتفكر في أبعاد هذا الأمر او تحاول الوصول لحل .. تجد أحدهم ممدا على سريرك فينتابك الغضب و الحنق و تبدأ في هزه فلا يستيقظ ثم تصرخ به و تقذفه بألفاظ نابية فلا يتحرك له ساكنا ايضا .. تجلس على الأرض جوار سريرك و تشرع في البكاء و تتمادى فيه غير مدركا للشهور التي مرت عليك و انت على هذه الوضعية .. و لكنك مستبصرا تماما ان احدا لم يلحظك و لم ينتبه لغيابك ..


تقرر أنه لا فائدة من البكاء و أن الوضع فيما يبدو ليس له نهاية قريبة ، أو على الأقل نهاية تعرفها .. فتقرر أن تنزل للشوارع تخترق الأماكن و تمارس السير عبر الجدران .. مستمتعا بشفافيتك و متجاهلا البشرية بأكملها

الخميس، 17 أبريل 2008

تكذب ..؟


تقول دائما أنها تذهب لهذا المكان لترى " مصطفى " فهو يذكرها بأشياء لطيفة اعتادت أن تلازمها أيام الثانوية ..


تقول أنها تحب ان تراه .. فهو يشبه كثيرا " أحمد" .. زميل الدراسة الذي لازم أحلام أيامها الثانوية ...


تحكي هذا دائما و تبتسم ..و تتذكر هذه الأيام .. و تضحك لذكريات خفقات القلب الأولى ..






تخبرهم أنها تحب هذا النوع من الروايات لأن "محمد " يحبها ..و أنها لا تحب كل الشعر الانجليزي إلا لأنه يحبه ..


و تقول لهم أنها تقرأ هذا العمود من هذه الجريدة المغمورة فقط لأن "محمد" صديق لكاتبها و يحب أن يتابعه ..


و تضحك دائما اذا سمعت احدهم يردد هذه الأغنية التي عرفت أنه يحب أن يسمعها ..


تطلب القهوة كما يحب أن يشربها ..و تبتسم و هو تتحمل مرارتها .. فهي لا تحب القهوة ..






إنها تحيط نفسها دائما بهالة من السرية في هذه الأمور ..


لا يجرؤ المقربين منها على سؤالها ..


ما شكله ؟؟ أين التقيت به ؟؟ و كيف بدأت حكايتك معه ؟؟


لماذا لا يأتي إليك هنا ؟؟؟ و لماذا لا نراه يتصل بك ؟؟؟




إنها لا تفصح عن أسرارها الصغيرة السابقة إلا للمقريبن جدااا .. و لكنها تعرف ايضا أنهم بعداء رغم قربهم منها ..


فهم لا يعرفون عنها شيئا ..




إنها ترسم هذه القلوب و العيون الحزينة دائما على أوراقها .. تكتب بعض الحروف الغامضة .. و تخط تحتها أبيات شعرية حالمة .. ثم تترك إمضاء تحتها لم تعرف به ..




إنها تسمع الست تشدو بسيرة الحب عدة مرات يوميا .. لا تمل منها.. تفتتح بها يومها و تختتمه ..




إنها موضع الحسد من الكثيرات ..كيف تحظى بهذا النعيم في الحب .. و كيف للزمان أن يطاوعها فيتركها دون ان يرسل لها برقيات النكد لتكسر بيتها الزجاجي الذي تعيش فيه مبتهجة دائما ابدا ..




إنها الملاذ الذي يلجأن إليه ليخبرهن أن الحب قريب جدا.. و أن الوحدة ستخلف وراءها قريبا جدا ذكرى نضحك عليها ..


إنها تؤكد لهم دائما أن كوبري الجامعة ربما يكون تميمة الحب ... إنها تؤمن به جدا .. تتفائل بأخذه جيئة و ذهابا عند غروب الشمس ..تؤكد لهم أنها وصفة مجربة يشهد عليها النيل و لا تنكرها أي واحدة ممن يدينون بالفضل له و لها .. فقد اعتادت أن تجعله المكان المناسب للبوح .. و اعتادت أن تسمع منهم بعدها بايام قليلة أنهن وصلن لمحطة " الفرج" بسلام .. فشكرا لك و لكوبري الجامعة ..




**************




إنهم لا يعرفون أن " أحمد " فتى أحلام أيامها الثاوية و الذي يشبهه كثيرا " مصطفى " لم يكن يعرف اسمها .. و لكنه بالتأكيد كان يعرف شكلها .. فقد كانت تزرع نفسها في اماكن تردده .. تسبقه إليها .. لم تحدثه ابدا ..كانت ترسل له نظرات .. أكان لها معنى ؟؟




و هم لا يعرفون ان " محمد " يعرفها بالكاد .. و أنه حتى لا يعتبرها صديقته .. و انه يتجاهلها كثيرا اذا التقوا في هذا الممر الضيق .. فهو مشغول دائما بآلاف الأفكار التي لا تجد مخرجا من رأسه .. و لا يعرفون أنها تلملم المعلومات عنه معتمدة على الصدفة بالدرجة الاولى و أنها لم تعرف شكل قهوته إلا عندما سمعته يطلبها من الساعي الذي يشترك في خدمتهما معا .. و انها لم تعرف اغنيته المفضلة إلا من ال" بلاي ليست " على الكومبيوتر المشترك بينهما ...




إنهم لا يعرفون أن معرفة " أحمد " بشعورها ، أو " مصارحتها ل " محمد " بما تكنه في قلبها ...ليس أمرا واردا لديها اصلا ...




و أن على حجم القدر الذي يشغلونه من أحلامها التي لا تنتهي .. لن تقدم على الافصاح عن نفسها ابدا ...لا يعرفون أنها تعيش كل هذه السنوات قصص حب وهمية من طرف واحد !!




و أنه بين " أحمد " و " محمد " كان هناك " علي" و " كريم " و " محمود" و و و و .....


و لا يعرفون أن أحدا من الجنس الخشن ..لم يعبر لها يوما عن امتنانه لها او اعجابه أو حتى رغبته في صداقتها..


إنهم لا يعرفون كم الوحدة التي تجتحاها في معظم لياليها .. و لا يعرفون أنها على ألم وحدتها ليست ساخطة أو حانقة ..




و لا يعرفون أن لديها آمالا في الحب تؤمن بتحقيقها يوما ما .. و أنها تعلم تماما أن من سيشاركها تحقيقها ليس " أحمد " و لا " محمد " و لا حتى " مصطفى "..




إنهم لا يعرفون أنها لا تحب أن تكذب عليهم .. و لا تقصد أن تكذب في تفاصيلها البسيطة ..


و لا يعلمون أنها تستمتع بصدق بهذه التفاصيل على سذاجتها ..و لا يعلمون أنها لولا هذه الأحلام ...لماتت من سنين كمدا و وحدة ..




إنهم لا يعلمون عنها شئ .... لإنها تفشل تماما في الافصاح عن نفسها .. تماما بقدر ما تجيد جذب الآخرين و حثهم على البوح ...




إنهم لا يعلمون عنها شئ ...لأنها تجبن دائما امام المصارحة ... و تخاف من الحب ...




إنها تخاف دائما من الطرف الآخر في الحياة أيا كان ..




إنها تثق أن يوما قريبا سيأتي .. و تتخلى فيه عن جبنها و سيعودها أحدهم على المصارحة ..




إنها تتساءل ..






هل سيأخذها أحدهم إلى كوبري الجامعة قريبا و يحثها على البوح هناك ... فهي لا زالت تؤمن أنه تميمة الحب لمن يعاني الوحدة ..

السبت، 5 أبريل 2008

6 شعرات .. و هل يسود الفرح ما بيضه الحزن ؟؟


نامت ..

كانت ليلتها حزينة جدا و مخيفة و متوترة ..... و وحيدة

بكت كما لم تبك ابدا ....

لم يسمعها أحد ....

هل كانت حقا الأتعس و الأحزن و الأخوف و الأشقى من بين كل بنات الأرض ؟؟؟




استيقظت ....

كانت آلامها مبرحة .. متفرقة ...غامضة ... لا تستطيع تحديدها أو الشكوى منها .. إلا كمن يشكو من هذا المغص البسيط ..

لم تستطع الخروج .. و لم تستطع العمل أو الحديث... لم تستطع شيئا سوى أن ترقد في نفس الفراش الذي تشم فيه رائحة دموعها.. فتذكرها بأحزانها ..



شيئا ما حدث ....

هل هو حقيقة ؟؟؟



نامت .....

كانت لا تدري شيئا بالمرة ... لا تعي شيئا .. و لا تتوقع شيئا ...

غير أنها لم تبت باكية ..

و قد قلبت مخدتها لتبعد عن انفها رائحة الدموع ...



استيقظت ...

و الفرحة تتراقص في عينيها ...

كانت تظن انها اليوم أجمل نساء الأرض... أرقهم .. و أطيبهم ... و أسعدهم ...

هل كانت فرحتها حقيقية ؟؟

لم تكن متأكده ... نست الفرحة من زمن..


غير أنها ادركت فرحتها في صوتها و حديثها المفصل عن أحلام الأيام القادمة .. فأدركت أنها بالفعل "فرحانة ".. مادامت تتحدث عن أحلامها.. تبقى أكيد "فرحانة" ..


أدركت فرحتها في لهفتها على المرآة .. لتتزين .. فهي اليوم أجمل نساء الأرض..

طالت المرآة سريعا و بيدها هذا المشط السحري الذي سيجعل منها أسطورة ...



هل هذه الشعرات البيضاء التي تراها في منتصف الرأس حقيقة ام انها هلاوس الفرح ؟؟؟

تترك المشط و تداعب خصلاتها ... يمينا .. يسارا ... إلى الوراء ...

انها لا تختفي ...6 شعرات بيضاء في منتصف الرأس .. لا تختفي..

تجري لأمها .. فتسألها ... "هل تري في منتصف رأسي شعرات بيضاء ؟؟؟ "

اذن يبدو انها ليست هلاوس ... فقد اجتمع اهل المنزل جميعا على وجودهن في هذا المكان ..


" لازم نمتي في يوم زعلانة ..." يقولونها لها بمزاح و سخرية ..

تبتسم بهدوء ...

و تجري بنفس الفرح إلى المرآة....


و ايه يعني ؟؟؟


بس انا فرحانة... فرحانة جدا ..



هل يدري احدكم اذا كان الفرح يعيد للشعرات الستة سوادها ؟؟؟



********************************


حدث فعلا
 

أوركــــيد أبيض Copyright © 2009 Flower Garden is Designed by Ipietoon for Tadpole's Notez Flower Image by Dapino