الاثنين، 6 يونيو 2011

حقيقة


موت و صف من الجثث على جانب الطريق ، و دماء .. الكثير من الدماء، و اسفلت لا لون له ..و بشر كثير يهرولون و يحوقلون و يستغفرون و يسألون الله الستر و اللطف و العافية .. و صراخ لا أعرف مصدره ... و غثيان .

***

طوال الشهر الماضي لم أجد الإجابة المقنعة لسؤال "مالك" ، أخبرته أن روحي تغيب في حفرة سوداء عميقة لا أدرك لها حدودا ، و أني أفقد طاقة المقاومة أو الرغبة فيها .. لا شئ أشعر به ليبقيني ، أبحث عن نور .. أو حقيقة .. أو نهاية ربما .. لم أكن أعرف.

أمس عرفت ..

اليوم الذي بدأ بكثير من الكذب ، و الذي كان يستطيع أن يمر بكثير من السلام لو أنني لم أعرف أن هذا الكذب..كذب ،ليذكرني بكم من المرات سألت الله عن حكمته في أن اعرف " الكذبة " ، و أنا أشكو له ألم هذا النور . اليوم الذي توالت سخافاته عليّ ،لتقضي ببطء و إتقان على ما استجمعته بمجهود شاق في الأيام القليلة السابقة من طاقة إيجابية .. و مصالحة مبدئية و مؤقتة مع النفس ، و مع الاختيارات.. و مع الآخرين أيضا بالضرورة .

الوقت الذي تخيلته الأبشع و الذي مر علي في المواصلات و أنا أحارب نفوري و كرهي و اشمئزازي و امتعاضي من أخرى / آخر لا ذنب له ، كان هو المسافة التي أمهد فيها لنفسي أن تعرف .. كم هي صغيرة و حقيرة .

لم أعتد – للأسف – أن أقف كثيرا عند سيرة الموت ، حتى تلك المرات التي حدثتني عنه صديقتي الـ تتوجس منه منذ فترة ، قابلتها بكثير من البرود و اللامبالاة . و حوادث الطرق أيضا .. لم أعتد – بكثير من البرود أو الكبر أو الغفلة .. لاأدري –أن أعيرها اهتمام يذكر ، أنا حتى لا ألتفت خلفي لأنظر ما حدث لمن و كيف ..

لا أعرف ماذا تحديدا جعل مشهد أمس لا يكتفي بالالتصاق برأسي ، بل يمتد إلى كل البقع السوداء داخلي فينيرها حد الاشتعال. هل كانت سيارات الاسعاف الكثيرة ، أم أصوات العويل و الصراخ و الحوقلة ، أم كانت الجثث التي رأيتها بعد لحظة مصفوفة على جانب الطريق و الرجال يهرولون لتغطيتها بأوراق الجرائد و الملايات ، أم كانت الدماء .. الدماء الغزيرة التي غطت الطريق لمسافة بعد مكان الحادث .. أم كان الذراع الأسمر.. الـ وجدته ملقى على جانب الطريق الآخر و أنا أصرف نظري عن صف الجثث.

هل كانت تدرك المرأة التي صرخت في أولادها قبل الخروج " دي عيشة تقصر العمر .. " ،أن العمر لا شئ يقصره ، و لا شئ يطوله أيضا، و هل تخيل الثلاثيني الأسمر و هو يأبي الابتسام لامرأته و هي تعتذر منه قبل خروجه " لـ يعاقبها " ، أنه لن يصالحها ؟ و هل تخيل العجوز قبل ركوبه الميكروباص أنه لن يموت بسبب كل هذه الأمراض التي يحمل عبأ تكاليف علاجها ..؟

و لماذا – و هو الأهم – مرت كل هذه الأسئلة و أكثر برأسي قبل أن أتخيل .. ماذا لو كنت معهم ؟

الإجابة الأولى الـ سبقت النور ، أطلقها كائن التهكم " لو كنت مكانهم لفاجئت ملك الموت ... لانه كان هيلاقيني ميتة ! " ، و لكن هذه الإجابة تلاها الكثير من الإجابات .. و تلاها الكثير من النور أيضا ..

أنا لست مكان أحد .. أنا هنا و اللآن .. و الموت حقيقة أخرى ، قريبة و أكيدة ... و ليست مفزعة .. بالعكس تماما . الأمر أكثر ارتباطا بوجودنا فيما و مع من يستحقنا بين الحقيقتين ، و بما نستحقه .. بعد الحقيقة الأخيرة.

هناك 5 تعليقات:

الحلم العربي يقول...

الموت حقيقة و الحياة حقيقة أيضا و كلاهما بيد الخالق وحده
رحم الله من ماتوا و لنتأمل تفاهة الدنيا في هذه المشاهد إلا أن الله استعملنا فيها فلابد أن نحيا كما أراد الله كي نحظى بالخير عندما نجد النهاية و لعل الموت ليس النهاية و إنما بداية لحياة أسعد إن شاء الله

أعرف كم الحزن الذي تمرين به و لكنى واثقة انك ستتجاوزينه
رائحة الموت تحزن الأحياء فقط و مادمت قد حزنت لها فأنت من الأحياء ، اللهم أحيي قلبك و قلوبنا جميعا
صبر الله ذوىهم

يمامة شاردة يقول...

"لو كنت مكانهم لفاجئت ملك الموت ... لأنه كان هيلاقيني ميتة!"

.
.

أنا دي..!

zozy يقول...

فعلا

غير معرف يقول...

إمبارح و أنا راجعة م السفر بعد أسبوع مميت , كنت عايزة أرجع لدرجة إني كنت خايفة أموت ع الطريق و ما أرجعش .. أنااا - اللي مستنياه و بشدة - كنت خايفة أموت إمبارح


أنا بتحدث عنه باستمرار مش علشان خايفة منه , بس علشان أحضركم للحدث ..

و إن أغسطس لناظره لقريب

بسمة ولكن.. يقول...

هاتى ودنك الاول ...الله أكبر.الله أكبر
ازاى ممكن تعدى على حادثة من غير متبصى ورا..انتى كده رجتى لحالتك الطبيعة يالوزة
ساعات ربنا بيبعت لنا مواقف زى دى بتصحى جوانا حاجات فى لحظات ممكن تحتاج شهور من العمل الدؤوب عشان تنور
ياسحر الادرينالين وانبعاثه
.
.
حمد الله على سلامتك

 

أوركــــيد أبيض Copyright © 2009 Flower Garden is Designed by Ipietoon for Tadpole's Notez Flower Image by Dapino