السبت، 20 سبتمبر 2014

إلى أبي



مر أسبوعان يا أبي..
الأصدقاء يرسلون إلي رسائل التعزية، ويزورونني وهم ينتظرون أن يروني بالسواد أو باكية لتبدأ مراسم المواساة..
وأنا يا أبي لا أحب المواساة.. وأنت تعلم، وأرتبك تماما أمام مواقف المشاركة، وأصاب بالعجز فأنسحب، وإن ظللت بالجسد باقية.

أنا أنظر إلى عصاك بجانت السرير، وأنتظر أن تناديني بعد قليل لأقربها لك لتقوم..
وأعيد قراءة الرسائل الأخيرة بيننا، وأنتظر ردك على رسالتي الأخيرة.. لتسألني هل اشتريت "اللاب اللي اخترته"؟ "وايه اخبار القبول؟" و"جبتيه بكام؟"، وتخبرني مازحا من جديد أنك حددت له ميزانيه لا تزيد عن الـ 1200 جنيه.

الحياة تستمر يا أبي، هي ببساطة تسير بي، وأنا لا أقاوم السير ولا أفكر في خطاي..
أنظف بيتي بتلك البساطة التي أعتدتها وأطارد سلة الغسيل لعلي أظفر بها خالية ولو ليوم واحد تماما كعادتي..
ولكنك لا تغيب عن ذهني في يقظة أو نوم.. أردد في كل لحظة "رحمة ونور يا رب.. رحمة ونور"..

أكثر ما أفكر فيه أنك كنت تخاف من الوحدة وتكره الوحشه.. يطمأنني كثيرا أن أفكر أنك ربما تجلس الآن مع جدو وعمو مراد، وتتحدثون عنا، وتحكي لهم من أخبارنا ما تركتنا عليه.. وتخبرهم أنك أديت من بعدهم الرسالة، وكنت سندا جيدا للأبناء والأحفاد..
أصدق أن الله أحن وأطيب منا جميعا مجتمعين، وأننا نتراحم بواحدة فقط من رحماته بينما هو الرحمن الرحيم.. فكيف أخاف عليك وأنت في داره ونزله وصحبته ومعيته؟

هل تذكر يا أبي تلك الرسالة الصوتية التي أرسلتها لي ولأخوتي على الواتس اب؟ لم أكن سمعتها حتى يومين مضوا!
كنت قد أرسلتها لنا قبل أسبوع من الرحيل، سمعتها وشكرت الله أنك تركت لنا وصية أخيرة.
وصية تذكرنا أنك لم تقصر أبدا في تلقيننا الإجابات للأسئلة والامتحانات القادمة.. كنت تخبرنا أننا سنمتحن، وتغششنا الإجابات دائما.. ولم نكن ننتبه أبدا.

سيرتك طيبة يا أبي، والكثير من المجهولون بالنسبة لنا يمطرون هاتفك وصندوق رسائلك بالدعوات والذكريات الطيبات.. لم يختلف اثنان أنك كنت محبا للحق، محبا لأهله.. كارها للباطل، كارها لأهله، والله قبل الجميع يعرف.. وأظنه يجمع روحك بأرواح الطيبين الآن.

كنت أتمنى أن تعود صداقتنا كما كانت، أعرف أنك كنت تشعر بالخذلان، ولكن الله يعرف كل شيء، وسيخبرك هو عني بأن ما كان بيننا من أزمات كان مجرد سوء تفاهم.. وسيخبرك أني فتاة طيبة، وحينها سترضى عني.

لم أشتر بعد اللاب الذي وعدتني به، ولكني أعرف أني سأفعل في خلال أيام.. ألم أقل لك أن الحياة تمضي يا أبي؟

آه.. هل تذكر جلستنا العائلية منذ شهر وكل منا يقول كم عمره كما يشعر؟
تذكر وقتها أني قلت 20 – 22 على الأكثر..؟
لقد كبرت يا أبي.. وأشعر تماما بورطة الحياة واختبارها.
إذا سألتني الآن يا أبي لأخبرتك أني أكبر من الـ 28 وأثقل.,, بكثير.




هناك 3 تعليقات:

إبـراهيم ... يقول...

:(
جميلُ يا آيـة .. رغم الوجع!



رحمة الله عليه..

Yasmine Adel Fouad يقول...

انا معرفش بابا بس لما بفكر فيه واترحم عليه كل يوم تقريبا ببتسم وبحس قلبي نور، اتطمنى عليه وطمنيه عليكى دايمًا

غير معرف يقول...

مش عارفة اقولك ايه
ربنا يرحمه ويصبرك على فراقه
ويغنيكى بذكرياته الحلوة معاكى
بيقولوا الحياة ﻻزم تستمر..بس طعمها بيتغير وشكلنا كمان
ربنا يجعلك خير خلف ليه ياحبيبتى
كان نفسى اعمل حاجة تحسسنى انى وقفت معاكى لحظة
ﻻ املك لكى سوي الدعاء
وربنا العالم مش بتغيبى عن بالى
بسمة

 

أوركــــيد أبيض Copyright © 2009 Flower Garden is Designed by Ipietoon for Tadpole's Notez Flower Image by Dapino