الأحد، 29 يونيو 2008

نجوم الطفلة الغبية


لم تنعت أبدا بأنها طفلة ذكية ...

لم تكن موهوبة و لا مميزة ...

لها الشكل التقليدي للبنات في سنها و بلدها ...

لها نفس الضفائر ذات الشرائط البيضاء و الملونة معا ...

و لها نفس قسمات الوجه المحفورة ....

كانت تشبه الجميع ....

لم تكن تتكلم ...

و لم تكن خرساء ...

كان فقط تكتب في صمت كل ما تحصل عليه أذنيها ...

كانت تسجل بشغف كل ما يحكى لها ...

لم تنس أبدا أساطير جارهم العجوز و لا حواديت أمها قبل النوم ..

كانت تحفظ كل ما يقال أمامها و تكتبه ..

و تعيد قراءته مرات و مرات ....

حتى انها تسمع ما تكتب في نوماها ...
تسمعه بلا صوت ...

هو يمر امام عينها في تكرارات مختلفة الاشكال ؟؟؟

يظهر لها في اوراق ملونة تارة ... و متطايرة تارة أخرى ...
كل أحلامها تحوي الورق ....

حتى عندما يظهر فيها البشر و نادرا ما يحدث هذا ...

كانت تراهم مصحوبين باوراقهم ... أو مكتوبين على شئ ما ...

كانت تراهم في احلامها أشخاصا ..

و لكن تتعامل معهم بشكل مختلف ...

فكانت تظنهم مكتوبين على الجدران ... أو مخطوطين على الأسفلت ...

أو محفورين في حروف منمقة على الأحجار في الشوارع

أو على درجات السلم ....

و تتعامل معهم من هذا المنطلق ...

لا تلتفت الى ألوانهم أو أجسامهم أو ملامحهم ...

تلتفت فقط للطريقة التي كتبوا بها ... تقرأهم ..



لم يكن أحدا يعبأ بها ...

و لم يدر أحدا يوما بم تفكر و كيف ...

و لم يهتم أحدهم بحساب رأيها و العمل على إرضاءها ..
و لم تكن سعيدة ...

و هو والشئ الذي لم يتعب أحد نفسه لمعرفته أصلا ....



لم تتعلم الكتابة في مدرسة و لا في كتاب ...

فهي ليست من طلاب العلم أصلا ...

و كانت تحب السماء ... و ترسم الفضاء ...

لو كان لديها بعضا من العلم ...

لتمنت أن تكون دارسة للفلك ...

و لسعت جاهدة لاختراق الفضاء ... العيش فيه و اكتشافه ...

و لكنها لم تملك هذا ..

و اكتفت بأن تدمن رسم النجوم في

كراسها الأزرق العتيق ....الكبير

لم يخطر ببالها أبدا أنه علم يرهق الكثيرين

فهمه و يدمن الكثيرون تعلمه و يبذل الشباب فيه سنوات

عمرهم الطويلة ...

لا تسأم من رسم السماء كل ليلة ...

و لا تهتم بأن تفيق من إدمان النجوم ...


كانت منغمسة في الرسم بكراسها

كعادتها عندما باغتها عجوز أسمر ليس شكله مألوفا لديها ...

و لم تدر هل لم تعرفه لأنها لم تجد قط

حفظ الأشكال أو لانه ليس من أهل المكان .. و هم قلائل ..

كان دقيق الجسم أحمر شعر الرأس و اللحية ...

خفيف الحواجب و الرموش .. و اسع العينين ..

له هيبة .. و ليس مخيفا ..

كانت قليلة الخبرة .. و ان شئت قل .. معدومة الخبرة ..

كانت تشعر انه غريبا .. جدا ...

و لم تدر إلى أي العوالم تحسب انتمائه ...
فهي لا تعلم من العوالم إلا أرضها ..


لم يحدثها ..

و اخذ من جوارها ورقة و أخذ يكتب لها فيها ..

رغم أنها لم تكن صماء ...

لم تندهش فعلته ..

و استجابت له بطريقته كأنما هي معتادة عليها ...

خط لها كلمات ترحيب أولا ..

ثم سالها عن رغبتها في قضاء بعض الوقت معه ..

همت لإخباره باسمها و سنها ..

و لكنه لم يعر ذلك اهتماما و بدا كما لو كان يعرف كل شئ ..

و بدا لها للحظة كمن يقرأ الأفكار ..

تمنت صامتة ... أن يكون كذلك ...
آه لو في الدنيا من يقرأ الأفكار ...


سار بها من مكانهما دقيقتين واضحا يده على كتفها ..

لم تدر ما حدث غير أنها وجدت الأرض فضاء من حولها ...

و لم يعد على مرمى البصر شئ ..

سواها و الرجل الغريب و الأرض و

السماء ذات الأنجم الكثيرة المتلألأة ..


لم تندهش و

وقفت في صمت - عادي - تراقبه و هو يخرج من عبائته

ورقا رقيقا مسطر مقسوم بالطول إلى نصفين ..

نصفه أبيض و الآخر أسود ..

ثم اخرج قلمين لهما نفس اللونين ...

و خط كلمات على سطر واحد ..

خط بقلمه الأبيض الكلمات على الجزء الأسود من السطر ،

و بقلمه الأسود على الجزء الأبيض منه ...

ثم اعطاها الورقة لتقرأ ....

يخبرها ...

أنه اذا كانت أحلامها بعدد النجوم ... فإنها تتحقق كلها ...

و أن كل ما عليها ان تخط الحلم على سطر واحد في الورقة ...

فيتحقق الحلم ... و تختفي نجمة ...


و أعطاها القلم الأسود ...

بعد أن أخبرها أنها ستستخدم قلما واحدا ..

مما يعني أن الكلام المخطوط على نصف السطر الابيض فقط سيظهر ..

و ان النصف الآخر سيكون الخط فيه عبثا ...

و أراد أن يفهمها بذلك أن أحلامها حينما تصبح حقيقة ....

لن تجعل حياتها تماما مضيئة ..

و أن شيئا من النكد أو العبث ربما سيتركه الحلم في عالمها ..


و تركها ...

و اختفى فجاة .. كما ظهر فجأة ...


و لم تعبأ بملاحظته ...

و أخذت تخط أحلامها على السطور .. في كل سطر حلم ..

و أخذت أحلامها تتجسد لها الواحد تلو الآخر ...

و كلما اصبح حلما حقا .. اختفت نجمة .....

لم تكن لسطور الورقة ولا لأحلامها نهاية ...


لكن يبدو ان للنجوم رأي آخر ...

فغيابها المتتالي يترك في السماء فراغا أسود ...

يتسع و يتزايد .. حلما بعد حلم ...



قررت ان تأخذ وقتا في التفكير ...


هل عتمة السماء عند غياب النجوم هي فقط الجزء العبثي النكد من حلمها ؟؟؟

حاولت التاكد ..

أخذت تمسح بعض أحلامها ...

و مع كل حلم يمسح تعود نجمة للسماء ...

غير أن النجمة تفقد شيئا من بريقها ...

و في النفس لا تزال حسرة و رهبة و غصة ...

لا تدري مصدرها ....

عبثا تحاول تفسير ما يحدث ...

و لكنها لا تفلح أبدا ...


لأنها قليلة الخبرة ... أو ان شئت قل معدومة الخبرة ....

لم تدر انها عندما مسحت ... لم تمح سوى المكتوب على النصف الأبيض فقط ... لانه ما رأته ...

أما المكتوب بالأسود على الجزء الأسود ... و الذي لم تظنه موجودا ...

فلم يدر ببالها ...
أنه موجود ...

انها هي فقط ...

من لا تراه ...
و لم تذكر حينها أن رأي الآخرين فيها ...
يحمل جانبا من الصواب عظيما ...

هناك 3 تعليقات:

الأستاذ يقول...

السلام عليكم
أول مرة أدخل هنا
لكن كنت جاي أسأل جيتي ولا لأ لما شوفت "آية مش هنا"
كما أنها ماتزل طفلة في أعين الناظرين
وفي عينيها هي فتاة ناضجة
هذا ما يجول بخاطري حالياً
مع أطيب تمنياتي أن تظلي طفلة بتلك البراءة
تحياتي

blue-wave يقول...

بوست جميل بجد
بس ياترى هل مازلتى ترى نفسك طفله؟؟

Mohamed Hesham Safa يقول...

حقيقي قوية ...

وقبل ما أقول رأيي متهألي لازم أقراها تاني ...

تحياتي ...

والسـ ختام ــلام

 

أوركــــيد أبيض Copyright © 2009 Flower Garden is Designed by Ipietoon for Tadpole's Notez Flower Image by Dapino