الأربعاء، 29 أكتوبر 2008

سنة تمر في الطيف الأحمر


كانتا تسيران في الطريق السريع .. ذو اللاعلامات و لا اتجاهات و لا ارشادات ... تقود السيارة الأطيب منهما و الأصفى .. الأنقى رائحة و صاحبة الروح ذات الألوان القزحية ... لا تحمل للطريق هما ... و تدرك أن إشارة ما ستأتيها في الوقت المناسب تخبرها بالاتجاه الذي عليها أن تسلكه الآن ... بجوارها تجلس صاحبتها أرضية الطبع و الخصال ، ذات العطر الفواح تمسك ورقتها و قلمها ... ترسم الطريق كما تسيران فيه ... لتحتفظ بخريطتها الخاصة جدا اذا قررت الرجوع من هذا الطريق اللامعروف لكلاهما ...لا تكف عن توجيه النصائح و الارشادات لصاحبتها التي لا تعير توجيهاتها أدنى اهتمام ...



توقفت السيارة على جنب الطريق ... فأسندت الأولى رأسها لمسند الرأس و أغمضت عينيها ...أما الأخرى فبدا عليها التوتر و بدأت تتلفت حولها في كل الاتجاهات و أطلقت أصوات زمجرة عالية .. و بدت كما لو كانت تتمتم بتعاويذ تصرف الغضب عندما مالت صاحبتها للأمام لتنظر للسماء و هي تكلمها :



- هل ترين هذا الطيف في السماء ذو اللون المائل للحمرة ؟؟؟



= تنظر للسماء بلا اهتمام ثم إلى صاحبتها في سخرية و تهكم



- ألا تظينين معي أنه يبدو شاذا في سماء تنذر بالمطر ... و تخاصمها الشمس ...



= مطر كمان ... هي ناقصة



- يذكرني لونه الممتد عبر سحابتين بتلك القلادة التي أهداها لي في لقاءنا عند انحناءة النهر للجنوب ... بجوار شجرتنا التي وجدنا صدفة عليها حروف اسمينا الأولى ..



= الكاوشت القدماني يمين فضي صح ؟



- كان يعرف حينها أني لا أحب اللون الأحمر - الذي صرت أعشقه فيما بعد - و رغم ذلك أهدانيها و قبلتها و فرحت بها



= و انتي كنتي عارفة انه الكاوشت فاضي و مع ذلك موقفتيش عشان نملاه قبل ما نطلع ؟؟



- لم يكن قد رأى فستاني المائلة بنفسجيته للحمرة أيضا ... و لم يكن يدري أن ياقته و أساور كمه المخملي لها نفس ألوان فصوص القلادة و أحجامها و نوعها ... بهرتني المصادفة في حد ذاتها إلى حد الاندهاش الصامت ... لم أخبره بهذ المصادفة ..



= هنلاقي منين احنا حد بتاع كاوشتات دلوقتي في الصحرا دي ...



- تعرفت إليه في أوائل الشتاء و افترقنا قبل أن يصل الربيع بأيام قليلة .. لم ير القلادة في عنقي أبدا ..فالشتاء يرتبط عندي بهذا الوشاح الصوفي المشرشب .. أحتفظ بكل ألوانه ... أحرص أن ألف رقبتي بما يتسق مع لون السماء كما أراها ...هل رأيت السماء يوما في لونها الأخضر ... أنا رأيتها مرارا ...



= انتي مستهترة ، و صوتك من دماغك ، مبتسمعينيش ، أو بتسمعيني و بتتجاهليني ، لو كنتي بتسمعي كلامي مكنش زماننا واقفين في الصحرا عشان حتة كاوشت فاضي.



-كنت أحب الفستان و القلادة ... غير أني كنت أراهما أكبر مني .. و أنضج ... و أنا كنت أراني - و لا زلت - فتاة لم تتجاوز بعد السابعة عشر ..



= كتير على اهمالك كمان ... بالكتير عشر سنين ، احنا حتى مش معانا كاوشت استبن ... يا مجنونة



- كنت أنوي أن ألبسهما ... الفستان و القلادة في يوم شم النسيم عندما يصطحبني للبحر لنضع اللمسات النهائية لقصرنا الرملي المهيب ... ترى كيف حاله قصرنا ؟ هل أتت عليه الأمواج ؟ هل أتاه سكان غيرنا ؟



= قدامنا ساعات الله أعلم اد ايه على ما يلاقينا حد في الصحرا دي ... و الله أعلم ساعتها اللي هيلاقينا هيرضى يدينا الكاوشت الاستبن بتاعه او يساعدنا نملا بتاعنا ... و لا مش هيعبرنا م الأصل ..



- كنت حتى بعد أن أتى الربيع و أوشك على الانتهاء ألبس قلادته سرا و أراقب رقبتي داخلها في المرآة ... لا أدري كيف أصبحت مولعة بها و باللون الأحمر إلى هذا الحد ...



= قطع رقبتك يا مستفزة .... بدل ما تقضيها مرايات كنتي افتكرتي نجيب كاوشت استبن مثلاً ... اف منك .. اف ... بجد بجد .... اف



- في بداية الصيف وجدتني أضع الفستان و القلادة كلاهما في صندوق نحاسي قديم ... لا ينتمي إليّ بل إلى عجوز في محرابه بالشارع المجاور فرغ سنوات عمره لحفظ الذكريات من العطن و إبعادها في الوقت نفسه عن مرامي العيون ... رأى أن حفظها لديه يفسح للمستقبل كي ينجلي .. و يعلن عن نفسه ... و أن رائحة الذكريات العطنة أيضا قادرة على تأخيره و تعطيله لأجل ما ...



= انتي رغاية ليه ؟؟؟ بدل الرغي ده ما تنزلي تشوفي حل .... اقفي على الاقل عشان تشوفي لو عربية عدت تسأليها اذا ممكن تساعدنا في موضوع الكاوشت النايم ده ...


- لم أتردد و أنا أعطه الصندوق ، فقد كنت حسمت أمري بأن الفستان و القلادة يناسبان تماما فتاة في الخامسة أو السابعة و العشرين ... و أنا و إن طال عمري ... مهما طال ... لن أتجاوز العشرين من عمري ... لن يناسبني أبدا ... و لن أراني فيه ...


= ( تنظر لها بغضب و تزفر مرات متعددة )


- هل تعلمين أن الصيف مضى كله و الخريف و لم أذهب لمحراب العجوز لألقي السلام على صندوقي النحاسي ولا حتى مرة واحدة .. هل تصدقين هذا ... أنا نفسي لا أكاد أصدق ..


= زهقت منك ، هنزل و اسيبك ، أنتي رغاية و مستفزة ... غير استهتارك و اهمالك .. (بغضب شديد ) حد يسافر من غير ما يتمم على الكاوشت ... امال لو كنت مش موصياكي ...


- ( بنظرة نافذة الصبر ... و نبرة هادئة لا تغاير نبرة الحلم )
اسمه كاوتش .. كاوتش ... كاوتش ... كاوتش ..
و مينفعش واحدة منا تسيب التانية ...
لازم نفضل سوا على طول ........


ثم أدرات السيارة و انطلقت ... في صمت .

هناك 18 تعليقًا:

غير معرف يقول...

اية... احب اقولك من هنا للصبح انه فظيييييييييييييييييييييييييييع فعلا

الخيال تحفة وعرض الافكار اكثر من رائع

لا بجد بجد بجد يجنن
من اروع ما كتبت


حبيت اوقعلك اول تعليق
:))))))

Beram ElMasry يقول...

عـــين الشــــمس عيانـــــة ومعصوبــــه بشـــال الليـــل
وفــــــــاس الحـــــزن منكـــودة ومرفوعـــة تهـد الحيـل
هجمـــت علينـــــــا عصابــــة زى الطوفــــان والســـيل
خلــــــــوا شبابنــــــا منكســــــر راضــــى يكـون الذيـل
باعـــــــــوا علينـــــــــا وهمهــم ووفـوا من دمانا الكيل
ولا خلـــوا فى البلـــد فــــارس ولا حتــى حداهــا خيــل

blue-wave يقول...

بجد بجد تحفه
تسلم ايدك

بسمة ولكن.. يقول...

رائعتى انتى ..
كما تعودت منك دائما
تحركين ساكنا بداخلى لااعلم مكانه بالتحديد
ولكنى اتوقع ادراكك اياه

Oma يقول...

elsheta w sninoooo !!

w lesa yama hanshof mn elsheta elly ma7ash beynsa 7aga 7aslt feh abdan

gamiil w ra2e2 eslobk awyyy w wa7sehny awy klamk :)

تــسنيـم يقول...

يا لهووووووووووووووووووووووي


ايه ده يا بنتي يخرب شيطانك لأ جامدة موووووووت بجد...

بصي مش هبوظها واقولك ان هما الاتنين واحد وان واحدة فيهم النص العملي اللي نفسه يتغلب على النص الحالم اللي جواكي كفاية اقولك اني اصلا كنت متضايقة منها وهيا عمالة تقول كاوشت وضحكت وانتي بتصححيلها في أخر البوست


بس بجد يا لهوووووووووووووووي


:)

آيــة يقول...

غير معرف :

من هنا للصبح ؟
و هو الصبح كان فاضل عليه كام ساعة ؟
مش كتير يعني !!

:)
:)
:)


بيرم المصري :
!!


blue wave :
:)
تسلم يا دكتور


بسمة :
و من منا يعلم مكانه ؟؟
أتوقعه بمقدار ما تتوقعين مني .. و بمقدار المساحات المشتركة بيننا ... ربنا يخليكي ليّ :)


oma :
انتي كمان وحشاني على فكرة ... جدا
مفتقدة اوي مرورك م المكان و تعليقك ...

ربنا يعديه على خير الشتا ده ... وبسرعة ...و باقل خساير ... يارب
:)


تسنيم :

ياااااااااااه
ياه ياه فعلا ...
انا فرحانة انك هنا ...و انك كمان سايبة كومنت :)

انتي مش مبوظاها كده و لا حاجة ... انتي بتقولي حقيقتها ...اللي هي عارفاها للأسف ..
الكاوشت ده كان عشان يقول أن الحتة اللي بتحلم منا ... بتكون سامعة الحتة الواقعية ... بس متجاهلاها ... سايباها تتكلم .. و حتى لو كلامها غلط .. مش بتصححهولها...بس

:)

الحلم العربي يقول...

حلوة اوي اوي اوي
هما فعلا لازم يكونوا سوا على طول
واحدة فيهم صوت العقل و واحدة فيهم صوت القلب
و لو الانسان مش ورا حاجة واحدة بس هيتعب كتير
لازم شوية عقل و شوية قلب .....ربنا خلقنا كده
بس بجد احييكي على الابداع

يمامة شاردة يقول...

في الأول كنت مزبهلة ومشتتة عشان ماكنتش فاهمة

بس أول ما فهمت

بحد بجد .. هاااايلة

ما شاء الله على دماغك :)

و مش قادرة أوصفلك كانت منرفزاني أد ايييييه كلمة كاوشت دي

ما شاء الله على دماغك بجد :)





اعذريني إني بتأخر عليكي :$

تــسنيـم يقول...

أية... هو انتي عيد ميلادك كام أغسطس


:)

آيــة يقول...

الحلم العربي :
:)
عارفة كانت المشكلة فين .... المكشلة مين اللي يسوق ....اللي بتحلم ... و لا اللي ماسكة الخريطة ...في كل الاحوال ...هم مينفعش فعلا يفترقوا عن بعض لازم يفضلوا سوا




يمامة شاردة :
منورة على فكرة :) .. و انا مش قد كلامك الجامد ده بجد ... :)



تسنيم :

ايه شغل ابراج و كده و لا ايه ؟
23 اغسطس
اشمعنى ها ؟ اشمعنى ؟؟؟؟؟؟؟

An Author يقول...

بالصدفة البحتة جيت هنا و سعيدة جدا بتلك الصدفة ، انا اللى فعلا مبهورة دلوقتى بجد :)

عدنان أحمد يقول...

السلام عليكم

ما شاء الله .. بجد اكثر من رائعة

الأسلوب المستخدم أسلوب كاتبة محترفة
و الخيال خصب إلى أقصى درجة

بجد حاولي تفكري في النشر

تحياتي

غير معرف يقول...

وحشتينى وخلاص
من فوفو

آيــة يقول...

جيداء :

:)
بفرح لما تبقى الصدفة في صفي كده ...



أسير حبيبتي:

:)
من ناحية الخيال ... فلولاه لاماتنا الواقع كمدا ...
اما الاحتراف و النشر ... فبعاد عن الخطة حاليا خالص ... و حتى معتقدش انهم ممكن ييجوا فيها اصلا



مسز غيـــ معرف ــر:

فوفو مش منورة بس ..... دي فيها ضي و دفا في كل حتة منها
يا أحلى مسز في الدنيا كلها
:)

Unknown يقول...

لسلام عليكم
ورحمة الله تعالى وبركاته
حلوة اوى اوى اوى

Aml Ghonaim يقول...

آيـــــــــــة :
هل تسمحي لي اذن بالانبهار أمام روعة حروفك المتراصة برقة لتشكل تجربة رائعة كروعة من يسردها ؟!
انبهرت كثيرا بمدونتك ؛ وبكتاباتك الحالمة ؛ وبشخصيتك الرائقة ...
تحية خالصة من قلبي .. لكل مايسطره قلمك ؛ وما يجود به خاطرك ...

dandana يقول...

إستفادت ايه يعنى من واقعيتها وهى قاعدة تقول كوشت طول الوقت
مش لازم يعنى تكون صح دايما مدام انت واقعى
دا هبل


انا حبيتها أوى أوى



كتبت مرة واحدة
شبيهة بالفكرة دى
بس مافعلتش غير واحدة منهم..والتانية كانت بتسمع طول الوقت
السمع اللى هو زى الطبطبة دا
ابقى روحى قوليلى رأيك
إسمها توأم

 

أوركــــيد أبيض Copyright © 2009 Flower Garden is Designed by Ipietoon for Tadpole's Notez Flower Image by Dapino