الأربعاء، 21 يناير 2009

سهر


"1"

أعرف جيدا أن وجوده سيكسر هذا السكون المسيطر على المكان

و سيحدث صوته حين أسمعه جلبة في صدري لا أعلم مصدرها

ستحمر وجنتاي

و سأفتعل الغضب و العنف ، و سأهرب من عينيه كلما زادت رغبتي في النظر إليه..

سأمارس شقاوة أطفال الخامسة .. و مراهقة الخامسة عشر

و سأحول بينه و بين الأنثى الكائنة بصدري حتى تخور قواها و تعلن له استسلامها الكامل... "



"2 "



قبل 16 سنة ، عندما أذن لها أبوها بأول رحلة مع المدرسة ، و أخبرها أنه سيعطيها " جنيه بحاله " احتياطي ، و أنه سيكون مع " أبلة منال " ( عشان ميقعش منها .. ) ، رفض النوم مداعبة جفنيها ليلتين كاملتين إلا لماما ... ، و عندما اشترت من " جنينية الحيوانات " بالونة بيضاء كبيرة ب " ربع جنيه " .. كانت تخشى أن يلومها والدها .. لأن الجنيه " كان احتياطي " .. " مش عشان تشتري بيه " ..


و بقيت رحلة العودة كاملة تفكر في ردة فعله .. و في أنها ستطلب منه أن يخصم ال " ربع جنيه " من مصروفها " اذا رأت رأت في عينيه رغبة في اللوم أو العتاب ، و حين استقلها بسيارته عند باب المدرسة مساءا .. أخبرته أنها " جابت بالونة حلوة اوي " .. فابتسم ، و اطمئنت ، و قبل أن ينطلق كانت تعطيه ال " 75 قرش " و هي تقول " انا اشتريت البالونة بربع جنيه .. ممكن تخصمه من مصروفي"


فابتسم مجددا و هو يقول لها " امال انا مديكي الجنيه ليه ؟ " .. يحمر وجهها خجلا من الاجابة التائهة عنها ، و ينهمك في القيادة مبتسما، غير ملتفت لل " 75 قرش " ، في المنزل تعطيها له مجددا ، فيقول لها " خلاص خليها معاكي هاتي بيها اي حاجة " ، تكتم فرحة تهز القفص الصدري و تجعله على حافة الانهيار ، و تسأله في خبث " طب و الربع جنيه بتاع البالونة هتخصمه من مصروفي ؟؟ " .. يمسح على رأسها و هو يبتسم لأنه يعرف أنها تعرف اجابته مقدما .. يخاصمها النوم مجددا ليلة أخرى في محاولات مستميتة لوضع الخطة الأحلى و الأطول و الأمثل لاستغلال ال " 75 قرش " ...



"3"



في الليلة الماضية أدهشها أن لم يبكها " حسن " في " آسف على الازعاج " ، بينما فعل بها الأفاعيل يوم شاهدته للمرة الأولى في السينما ، كان ترى ثمة تطابق بينهما يصل بها حد البكاء ، بصدق شديد و بفرحة تعرف الآن أنها " مكنتش شايفة صح .. أو مكنتش شايفة خالص "



و هذه الليلة عندما أوشكت على صب الماء الساخن في " المج" الجديد ، وجدت نفسها تندهش مجددا من هذه الوردات الباهتة الصفار في نعومة المرسومة عليه ، و اندهشت أكثر لعادتها الجديدة في شرب الينسون الباهت صفاره أيضا .. لم تكن أبدا تحب الوردات البسيطة الخطوط و لا الأصفر .. و لا الينسون.


تعاتب نفسها بصوت ... " كان لازم أشتري المج الكبير ابو فراولات كبيرة .. و اشرب كركديه او قرفة .. مش ينسون "

تصل دهشتها للقمة عندما تجلس بسعادة و رضا و انتشاء ، بين يديها " مج " الينسون و في أذنيها تغني نجاة " عيون القلب "

على الكومبوتر المظلوم بحلول اللابتوب تجلس ... لتكتب ببساطة جدا .. من غير رغي

أنها راضية جدا عن " المج" ذو الوردات الباهت صفارها ، وأنها ستشتري ال " مج " ذو الفرولات الكبيرة في أقرب فرصة لتشرب فيه ال " كركديه أو قرفة "، و أنها تحب صوت نجاة الناعم في أذنيها الغير مشروط بصور تلامس الواقع من قريب او بعيد ، وأنه لو لم يكن ال " جنيه " بعد قادرا على شغلها ليلتين متواصلتين فإن ابتسامة الأب الحانية قادرة -رغم كل شئ -على منحها هذه الثقة الغامضة و هذا الأمان المطلق ، و أن البالونات البيضاء الكبيرة لازالت تمنحها بهجة طفلة السادسة ...

و ...
أن ..

هذا السكون المسيطر على المكان ... سيعاد تشكيله بتشكيل الذاكرة من جديد ، عندما يتسنى لها أن تولد مرة أخرى ، لتظهر في حياتها

مشاهد أكثر امتاعا و جلبة و نعومة و دفئا من هذه التي يحظى بها خيالها معه و عنه .

هناك 15 تعليقًا:

تــسنيـم يقول...

يخرب شيطانك يا بنت الإييه .. حلوة أووي البوستات دي اللي بتبقى اجترار لحاجات حلوة اوي عدت علينا مكناش عارفين قيمتها أد ايه وقتها,,, وبنكتشف بعد ما بنكبر ونمعن النظر فيها إن هيا دي اللي صقلتنا.. البالونة و ال75 قرش ... أما عيون القلب ونجاة والينسون والمج الأصفر فهما حالة متكالمة تماما بتعبر عن نفسها بالتسلل إلى روحك تاركة راحة وطمأنينة لن تجديها مع المج الأحمر أبو فراولة وقرفة وصوت شادية وهيا بتقول وحياة عينيك وفداها عنيا

اللاب توب أصبحت لا أُرى إلا بصحبته :) على رأي مــامــا

حســــن في أسف على الإزعاج صدمني صدمة عمري لأني اتدورت أبص على كل الحواليا وأسأل نفسي هما بجد موجودين وألا احتياجي ليهم خلاني أختلقهم وفي موقف حقيقي حصل ابقي فكريني أحكيهولك


بس صحيح هو مين ده اللي وجوده هيكسر هذا السكون المسيطر؟؟؟ :)
وده مش فضول بس لو ينفع أخده لفة علشان أنا كرهت السكون اللي أنا فيه :)

Unknown يقول...

دة انا اللى مبهورة حضرتك

yamen يقول...

الحياة تتسلل الي كل التفاصيل..
...
وفي لحظة معينة..نشعر ان كل شئ قد صار جميلا..علي غير العادة
:)
التدوينة دي..اعادت الي الحياة..

اشكرك

عالم حبيب يقول...

ما شاء الله .. رجعتينا لأيام الطفولة بصفاؤها ونقاؤها .. أد إيه كانت أيام حلوة .. جميل أوي احساس البنت لما صرفت الربع جنيه وهي بتكلم أبوها

جزاكي الله خير

Muhamad Abdulghany يقول...

كلامك رقيق وسلس كده ,حاسس انه طالع من قلبك اوى ,فكرتينى بحاجات حلوه , شكرا

ط يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
ط يقول...

رغم أن ذكريات الآخرين
تختلف عن ذكرياتنا
إلا أنهم عندما يحكون
ذكرياتهم
نشعر
بنفس الحنين !
ط

محمد سلامة يقول...

ليس بالأنفاس يحيا الإنسان و لكن بأشياءه الصغرى الحبيبة و ذكرياته الصديقة و الأمل في غد شيدناه قصراً في خيالنا
بوست رائع
فعلاً شطورة
و شطارتك في البوست ده هتخليني اقرا المدونه كلها

Tamer Elkhatib يقول...

حلوة جدا حكاية الرحلة و ال 75 قرش. بسيطة قوى بس معبرة بقوة و تحس فيها بالبرائة و الصدق. انا مبهور يا مبهورة

شوية قهوة يقول...

مبهورة اسم على مسمة
فعلا بجد رائع

غير معرف يقول...

الظاهر كده ان مندونتك هاتكون اول المدونات اللي بفتحها باستمرار
اول مرة اجي عندك
وبجد عجبني البوست ده جداا
فيه حاجات حاسه انها شبهي بس مكنتش هاعبر عنها زيك حتي لو حاولت
شكرا

غير معرف يقول...

فعلا جميل جدا
أنا أول مره أدخل المدونه
بس فعلا عجبتنى جدا(( أبهرت بيها ))
بالتوفيق إن شاء الله

آيــة يقول...

تسنيم :
:))
بصرف النظر عن أي حاجة و كل حاجة .. اللي هيكسر السكون .. مالكيش دعوة بيه ..عشان ده بالذاااااات مفيهوش لفات .. يخصني لوحدي
:))


انجي :

لا حضرتك دي أنا على فكرة
:)


يامن :

بردو
(!)

العفو يا فندم
:)

آيــة يقول...

عالم حبيب :

هو مش باقي م الأيام دي غير شوية حواديت يعني ؟؟
دي حاجة وحشة اوي

جزانا و إياكم يا فندم
:)


ط :
ما هو عشان كده بنكتب .. و عشان كده بنقرأ لل(آخر)..
عشان نتقاسم الحنين ..
أو ..
غيره
:)


محمد سلامة :
هي الأشياء الصغرى دي .. لولاها بقى ..و الأحلام .. كان زماننا خلصنا من زمان

:)


تامر الخطيب :
مش ممكن نلاقي في حكاوي طفولتنا حاجة معقدة او مكلكعة .. حكاوي الطفولة .. بسيطة زيها ..بس دايما ممكن تعبر عن حاجات كتير
تحياتي يا فندم

آيــة يقول...

سماء :
:)
بس أنا اسمي آية



شروق :
يااااه
:)))))




غير معرف :
عشان ( مبهورة ) يعني ؟؟

 

أوركــــيد أبيض Copyright © 2009 Flower Garden is Designed by Ipietoon for Tadpole's Notez Flower Image by Dapino