
كلما زادت ململتي في مكاني ، توهان حدقتيّ و شرودهما في الأفق ، كلما تماديت في الصمت و خرجت إجاباتي عن النص تماما ، كلما سألت " في ايه ؟؟! "
تُفلت التلقائية مني ردا غير مرضي
" نفسي ف مفاجأة "
تبدو إجابتي غالبا مع بريق عيني و ارتفاع حاجبي إجابة مضحكة أ, على سبيل المزاح
لا أذكر أني قلتها دون أن أتلقى صمتا ضاحكا أو علامات تعجب و اندهاش
أو السؤال .. " لا بجد .. ؟!"
فأخفض حاجبي و أميل برأسي و أنا أردد بحماسة هادئة
" ما هو بجد .. عايزة أتفاجئ"
أشعر بحماقة في مراقبة الكون و انتظار مفاجآته في كل لحظة ، و أذكر نفسي أن على مدى سنوات وعيي كلها ، لم تتحق أبدا تلك الأحلام التي أفرطت في رسم ملامحها المفصلة ، و لا تحققت لي أي من الأماني التي تمنيتها بعينها ، و أن ما أعول عليه دائما ، و ما أرقبه بشغف ، لا تطولني من متعته ، اللهم إلا متعة الشغف في حد ذاتها ..
أنتظر من الدنيا أن تفاجئني من حيث لا أدري بهدية ، وردة ، ابتسامة ، صديق ، مناوشة ، مداعبة ، دعوة ، رسالة ، اتصال ،،،،، حــــب
أنتظر أن تبعث إليّ هذا الشئ الذي أربط عليه قلب ميزان الساعة ، اليوم ، الحيــــــاة
أجري على الموبيل بنفس اللهفة في كل مرة أسمع " بعدك على بالي ..." لأزعم أن شئ حميمي جدا في كل مرة سيفاجأني ، أنتظر دائما اتصالا مفاجئا ممن أعلم يقينا أنه لا سبيل لهم بالوصول لرقمي ، أنتبه من سباتي لجرس التليفون في انتظار شئ يقلب موازين العادي ، ويغير المألوف ..
أتبع أمي للمطبخ بسرعة عند عودتها من السوق لأفتح بسرعة كل الأكياس بحثا عن أي شئ ينثر أي مقدار من الفرحة ، الإثارة ، ينقلني لما لا أنتظر ، شوكولاتة ربما أو حبات فراولة أو جريدة أتابعها وحدي في المنزل أو صنف من الطعام أعشقه أو حتى كارت موبيل ب ( 10 جنيه ) أتتني به دون طلب عندما تذكرت أني دائما بدون رصيد ....
أستعجل انتهاء محاضراتي على أمل حي جدا و كاذب جدا أن ألتقي خارجها بمن ينتظرني ، و أبحث عن صدف لقاء غير موجهة في وجوه كل من أرى ، يبدأ ترقبي بلهفة و حماسة و ابتسامة منذ تلك اللحظة التي أخلف فيها باب منزلنا ورائي مغلقا ، العمارة ، الشارع ، التاكسي ، الموقف ، الميكروباص ، الشوراع ، الجامعة ، السلالم و أبواب المدرجات ...
أحب أن أفتح شنط صديقاتي ، أوراقهن ، و أن أفتح صندوق بريدي الإلكتروني بترقب صباحي أبدي لا ينتهي ، و أن أستمتع بتلك اللحظات التي يكون فيها جاري التحميل فيما أغرق في توقعاتي .. التي تحبط دائما ،، و لا أبالي
حتى ريموت التلفزيون لم يسلم من أمنيات سرية تبثها يدي بأن يفاجأني و أنا أتنقل بفيلم مفضل ، أو أغنية تحمل رسالة ليومي ..
تتملكني الغبطة عندما أرى في يد إحداهن كيس هدايا ، و أغبط حاملها و متلقيها على السواء
أتذكر أني ممن يحملون يقينا أن حياتي تشبهني ، و أني أُعطى ما أستحق، و أن ميزان العطاء و الأخذ في الحياة لابد أن لا ترجح إحدى كفاته على الأخرى .. فأسأل نفسي ...
" هو أنا لو عملت مفاجأة حلوة لحد .. ممكن ألاقي بقى مفاجأة"
بحثي عن الصدف و المفاجآت دائما غير موجه .. غير أنه يملأني ، يتملكني و يتمكن مني حتى صار مزعجا لي أن لا أصاب بالإحباط بعد كل هذه المفاجآت التي لا تأتي ، و كل هذه الصدف التي تخذلني
أندهش من حماقتي ، و نصحي لنفسي الذي لا أسمعه ، أهمس إليّ بأن أحلاما غيبية تروى بصوت مرتفع ، تحرق في غيبها ربما فلا تأتي ، و لا نعلم حتى أنها كانت في الأفق ، و أن انتظاري للمفاجآت ، تفكيري فيها ، يحرقها ، ثم لا يجعل في الواقع لظهورها و اكتشافها أي متعة أو مفاجأة حقيقة .. أحاول إرغامي على التخلي عن التفكير في أمر المفاجأة المجهولة المنتظرة ، و الصدفة التي ستقلب موزاين الحياة ، فيحول ملل الحياة ، و روتينها ، و صخبها المجوف دون ذلك.
لا أعرف متى سيطابق عملي تصديقي أن كل ما تلهفت عليه في الحياة هرب مني و أن كل ما شغلت بالتفكير فيه أعرض عني ...و أني رغم كل عدم الاكتراث الذي أحيا به في هذه الحياة .. أحتاج لمزيد منه ..
*********
أظلم الحياة اذا أنكرت مباغتتها الأخيرة .... الحلـــوة
لعل آخرها ...
طبق البطاطس المحمرة الكبير ..في تلك الوجبة ، بين الإفطار و الغداء ( رغم أني رايحاله ;) )
و هذا التشبيه بال " كراميل " الذي أتاني من حيث لا أدري
و قبلهما
تلك الابتسامة التي رسمتها على شفتيّ هبة .. في الSMS
و أشياء أخرى
;)