السبت، 14 فبراير 2015

صباح الخير يا أبي..



صباح الخير يا أبي..

انتهت عدة أمي منذ شهر.. تخيل؟
ذاك الرباط المقدس الذي كان يجمعكما، ويجعل منها زوجة على اسمك وذمتك، أنت رجلها وهي امرأتك.. انتهى!

منذ أيام أتممت شهرك الخامس من الرحيل!
أتذكر كيف كان يمر الأسبوع دون أن أراك، فأخبرك أني سآتي الفيوم أقضي معكم يوما أو ليلة، أتذكر بهجة صوتك وأنت تقول لي "طب كويس اوي.."، لم تكن تقول الكثير من الكلمات المشجعة أو التي تعبر عن الفرحة، ولكن صوتك كان يعرف.. أو.. أنا كنت أعرف صوتك..

كيف حالك يا أبي؟

كل المنامات التي رأيتك فيها والتي حكاها عنك المقربين كانت مريحة.. مبهجة.. ومطمئنة..
إلا منامي الأول بعد وفاتك بأيام.. كنت فيه حزينا، تلومنا أن فارقنا!

كل المرات التي رأيتك فيها في الأسابيع الأخيرة كانت كمواصلة للحياة واستمرار للحديث في بعد آخر، كنا معا في كون مواز، لم تكن ميتا، ولم يكن بيننا بعاد، كأنك هنا، أحكي لك وتسمعني، تحكي لي وأتحمس معك، ننتظر خبر ما، أو نضحك من موقف أحدهم، كأنك هنا تماما..
ربما كانت هذه المنامات المتتالية هي الطبطبات.. أتصبر على الغياب بعشم في لقاء ليلي عابر وسريع..
زرتك مرة واحدة، شعرت بفرحك بعدها عندما رأيت في الليلة التالية أني احضر حفل كبير لتكريم ذكراك، يذكرك فيه زملائك ومرضاك وطلابك بكل خير وود وعرفان وامتنان..

قبل يومين رأيت في المنام أننا عدنا للحياة في الفيوم لظرف طارئ لمدة عام، وأننا وجدنا في البيت، وأخبرتنا أنك عدت لأننا عدنا، وسترحل مجددا عندما نذهب بانقضاء السنة.. هل يمكن أن تعود يا أبي؟
هذا النهار وأنا أرتب المفارش على سريري خطرت في بالي فكرة، فقلت سأنتهي من السرير وأطلبك لأخبرك بها، مرت ثوان قبل أن أكتشف أني لن أستطيع أن أحكي لك فكرة أعرف أنها ستعجبك.

لا يمر موقف إلا وأنا أفكر.. لو كنت هنا لأعجبك تنظيم تجمع العائلة قبل شهرين، ولو كنت هنا لسعدت بزفاف قريبتنا، ولو كنت هنا لحكيت لك عن التحديات الأخيرة التي عاهدت نفسي أن أنتصر فيها، ولتجادلنا، ولأخبرتني أنه: "كويس.. بس في حاجة أهم انتي ناسياها"، وكنا سنسمع معا ألبوم حمزة نمرة الجديد في السيارة، وكنت سأخبرك عن النظام الغذائي الذي جربته لأيام بهدف تنقية الجسد والروح من السموم، وكنت ستنصحني وقتها بالصوم وقراءة ما كتبه ابن القيم في تزكية الأنفس..

كانت حواجز ما تحول دون أن يعبر أحدنا عن مشاعره للآخر... لكننا كنا نعرف جيدا ما بيننا، وما لا يدركه سوانا، يثلج صدري كثيرا عندما أتذكر أني في الشهور الأخيرة أرسلت لك أكثر من رسالة أشكرك، وأخبرك أنك أفضل أب في العالم، متجاوزة برسائلي هذه شهور قبلها من الصمت الملغز والحديث المكتوم.

كنت أخبر أختي أن كل شيء تغير في وقت قليل، الأشياء تغيرت تماما! ولكني لم أصدق بعد أنك لست هنا.. ولم أصدق أنك لن تأتِ أبدأ!

خرجنا آخر الشهر الماضي لأول مرة بدونك، كل الأماكن كانت تذكرنا بك، يقابلنا السلم، فينظر أحدنا للآخر نظرة تقول: "بابا مش هنا.. مش محتاجين نفكر في حل أو ندور على أسانسير"، نظريا يجعل هذا الصعود أخف، والأحمال بعيدة عن كواهلنا، ولكن تخيل يا أبي أن العكس هو ما حدث!

ذهبنا لمطعمك اللبناني المفضل، ذاك الذي أصررت على الغذاء فيه اليوم السابق لرحيلك، لم ينافسني أحد في الطبق الذي اعتدنا العراك عليه أنا وأنت، ولم يتفهم أحد ذوقي، طعم الأكل كان عاديا لأقصى درجة، أو كان لا طعم له، قلت لنفسي أني لن أذهب إلى هناك أبدا..

ذهبت للبيت والعيادة، الأشياء ماتت! أحد أحباب المنطق سيقول لي: بل تفسد الأشياء بقلة الاستعمال والتراب، ولكني أقول لا. أقول كما يقول درويش: فإن البيوت تموت إذا غاب أصحابها. عندما فتحت الأبواب، شعرت أن المكان حزين، ربما لأن كل الأشياء، حتى الأوراق المبعثرة على مكتبك والطاولات.. أصبحت عديمة المعنى، لا تهم أحد، ولا يبحث عنها أحد، ولا يحرص عليها أحد. كلما أعدت النظر إلى مكتبك وأدراجك وأنا أفكر في حرصك على نظامهم وترتيبهم وألا يمسهم أحد.. أشعر بعبثية كل شيء..

مر عام الآن على وجودي في بيتي الجديد، البيت الذي لم تزرني فيه ولم تره إلا في الصور.. أنظر بعينيك في كل أركان البيت، وأقول في سري: "يا ريتك شايف يا بابا، أنا بقيت كبيرة، مرضية ومبسوطة في بيت جميل.."

تطاردني أحاديثنا الطويلة، وأفكارك ومشاريعك ومحاولاتك للقفز على كل احباط بفكرة أقوى، أتذكر محطات عجزك المتتالية، وأقول لنفسي كيف كان هكذا صبورا رغم كل انكساراته؟؟

أذكر اليوم الذي عدت من زيارة طبيب الأسنان وقد خلعت معظمها، والأيام التي قضيتها في انتظار "الطقم"، أذكر عزوفك بهدوء وحزن عما تحب من الطعام لأنه "ناشف ع الطقم"، وكنت وقتها في أربعيني، وأذكر أول عملية في عينك، وأول مرة أراك فيها مسنودا، وأذكر كسر رجلك وآلام الجبس ومضاعفاتها، أذكر أول مرة استخدمت الكرسي المتحرك، وأول مرة أدفعك به، وأنت –ذو الهيبة والشدة- تستسلم لمن يحرك كرسيك في هدوء وسكينة، أذكر أول مرة قلت أنك لن تذهب لمعرض الكتاب –وأنت صاحب الطقس السنوي المقدس- لأنك لم تعد تستطيع القراءة..

أفهم تماما مضي عمرك وأنت تبحث عن من يفهمك، يسمعك، يساندك.. وأشفق على قلبك الذي حاصرته الإحباطات فقتلته قبل أن يقتله المرض.

وأعرف أن الله لا يرضى لك الآن إلا قلبا خاليا من الهم، ودارا خالية إلا من النور، وسعة لا مرض فيها ولا هم ولا ضيق.

السبت، 20 سبتمبر 2014

إلى أبي



مر أسبوعان يا أبي..
الأصدقاء يرسلون إلي رسائل التعزية، ويزورونني وهم ينتظرون أن يروني بالسواد أو باكية لتبدأ مراسم المواساة..
وأنا يا أبي لا أحب المواساة.. وأنت تعلم، وأرتبك تماما أمام مواقف المشاركة، وأصاب بالعجز فأنسحب، وإن ظللت بالجسد باقية.

أنا أنظر إلى عصاك بجانت السرير، وأنتظر أن تناديني بعد قليل لأقربها لك لتقوم..
وأعيد قراءة الرسائل الأخيرة بيننا، وأنتظر ردك على رسالتي الأخيرة.. لتسألني هل اشتريت "اللاب اللي اخترته"؟ "وايه اخبار القبول؟" و"جبتيه بكام؟"، وتخبرني مازحا من جديد أنك حددت له ميزانيه لا تزيد عن الـ 1200 جنيه.

الحياة تستمر يا أبي، هي ببساطة تسير بي، وأنا لا أقاوم السير ولا أفكر في خطاي..
أنظف بيتي بتلك البساطة التي أعتدتها وأطارد سلة الغسيل لعلي أظفر بها خالية ولو ليوم واحد تماما كعادتي..
ولكنك لا تغيب عن ذهني في يقظة أو نوم.. أردد في كل لحظة "رحمة ونور يا رب.. رحمة ونور"..

أكثر ما أفكر فيه أنك كنت تخاف من الوحدة وتكره الوحشه.. يطمأنني كثيرا أن أفكر أنك ربما تجلس الآن مع جدو وعمو مراد، وتتحدثون عنا، وتحكي لهم من أخبارنا ما تركتنا عليه.. وتخبرهم أنك أديت من بعدهم الرسالة، وكنت سندا جيدا للأبناء والأحفاد..
أصدق أن الله أحن وأطيب منا جميعا مجتمعين، وأننا نتراحم بواحدة فقط من رحماته بينما هو الرحمن الرحيم.. فكيف أخاف عليك وأنت في داره ونزله وصحبته ومعيته؟

هل تذكر يا أبي تلك الرسالة الصوتية التي أرسلتها لي ولأخوتي على الواتس اب؟ لم أكن سمعتها حتى يومين مضوا!
كنت قد أرسلتها لنا قبل أسبوع من الرحيل، سمعتها وشكرت الله أنك تركت لنا وصية أخيرة.
وصية تذكرنا أنك لم تقصر أبدا في تلقيننا الإجابات للأسئلة والامتحانات القادمة.. كنت تخبرنا أننا سنمتحن، وتغششنا الإجابات دائما.. ولم نكن ننتبه أبدا.

سيرتك طيبة يا أبي، والكثير من المجهولون بالنسبة لنا يمطرون هاتفك وصندوق رسائلك بالدعوات والذكريات الطيبات.. لم يختلف اثنان أنك كنت محبا للحق، محبا لأهله.. كارها للباطل، كارها لأهله، والله قبل الجميع يعرف.. وأظنه يجمع روحك بأرواح الطيبين الآن.

كنت أتمنى أن تعود صداقتنا كما كانت، أعرف أنك كنت تشعر بالخذلان، ولكن الله يعرف كل شيء، وسيخبرك هو عني بأن ما كان بيننا من أزمات كان مجرد سوء تفاهم.. وسيخبرك أني فتاة طيبة، وحينها سترضى عني.

لم أشتر بعد اللاب الذي وعدتني به، ولكني أعرف أني سأفعل في خلال أيام.. ألم أقل لك أن الحياة تمضي يا أبي؟

آه.. هل تذكر جلستنا العائلية منذ شهر وكل منا يقول كم عمره كما يشعر؟
تذكر وقتها أني قلت 20 – 22 على الأكثر..؟
لقد كبرت يا أبي.. وأشعر تماما بورطة الحياة واختبارها.
إذا سألتني الآن يا أبي لأخبرتك أني أكبر من الـ 28 وأثقل.,, بكثير.




الخميس، 12 ديسمبر 2013

أقول لنفسي..

أقول لنفسي.. كل الأشياء التي تؤجلينها لأنها هنا إلى الأبد، ستكتشفين فجأة أنها لم تعد هنا، وأن هذا الأبد الذي تظنينه.. انتهى بالفعل.

كل الفساتين التي أجلت ارتدائها للحظة خاصة، وكل المشاعر التي أجلت البوح بها لموقف في خيالك، وكل الأماكن التي تلكأت في زيارتها حتى يتحسن الجو.. لم تعد مبهجة، لن تعد ممكنة!

الذين تنوين الاقتراب منهم لكن "ان شاء الله".. لن يبقوا هنا! لن تجدي أحد.


 

أقول لنفسي.. أسرعي! وللمرة الأولى.. تسرع!

لا.. إنها في الحقيقة، تهرب, وأنا لا أعرف متى بدأت رحلة الهرب.. ومم؟

ولكني استفقت على نفسي ألهث من آثار الجري والسباحة في الهواء بكل قوتي وطاقتي.. لا أعرف لماذا أو إلى أين؟


 

أقول لنفسي.. آن الأوان ليكون لي طفلة تشبهني..

ثم أرتعد!

بل سأشبه أنا أمي، سنعيد الكرة، ستحبني.. وأخيفها، سيخيفها ضعفي وبردي وعجزي، سيعجزها حبي، وستبكي كثيرا!

وأنا لا أستطيع أن أربت على كتف باكِ.. أنا عاجزة!

إذا بكت صغيرتي فسأبكي معها.. وفقط.


 

أقول لنفسي.. أنت قوية!

تعرفين أنك قوية يا عزيزتي، كل هزائم السنوات الماضية جعلتك أقوى..

لا.. هو النسيان، وفقط.


 

أقول لنفسي.. لملمت كسورا وبعثرات كثيرة، لملمت شتات نفسك من كل الطرق، وأنت هنا الآن، تستطيعين أن تنظري للخلف وتبتسمي بفخر وامتنان!

لكن الحنين.. هل هو الشتاء من يرسل لنا قبلاته غصبا؟

أمر على كوم أغطية شتوية في بيت أمي، فلا أرى بينها إلا أصغرها.. يتجمد قلبي، وأقول في سري.. "الغطا ده ياما شرب بكا ونشف دموع!".

التواريخ القديمة تلح على الذاكرة أكثر من تاليتها.. لماذا؟ ألم تكتفِ منا بعد ونكتفي منها؟


 

أقول لنفسي.. هوني عليك!

تكرهين الشتاء.. تعرفين هذا، فاصمدي بغطاء طيب حتى يمضي.. وحينها سيكون كل شيء على ما يرام.


 

أقول لنفسي.. أستطيع أن أعيش وحدي، جربت هذا من قبل واستطعت!

يمكنني أن أنظر للمرآة وأقول.. أني لا أثقل على أحد بطبعيتي المتطلبة، وأني محظوظة بمساحة الأمان والسلام التي أفترشها في المسافة بيني.. وبيني.


 

أقول لنفسي.. كل شيء على ما يرام.

فقط.. تنفسي جيدا، وشدي ظهرك.. واحملي عبء قلبك وحدك.

وحدك.. ذلك أفضل جدا.

الجمعة، 5 يوليو 2013

ما نعرفه مسبقا.. دائما

تعرفين الوحدة..
تعرفين الكثير عن هذه الساعات التي تمر متعاقبة طويلة تتمنين لو يسألك فيها أحدهم -بصدق- ازيك؟
انا لا أتهم أحد.. أي أحد، فقد توقفت منذ كثير عن التوقع والانتطار..
تلك الساعات الطويلة نفسها لا يخطر ببالي خلالها ابدا من كان يجب أن يكون هنا أو مع من كنت أحب أن أحكي عن ذكريات طفولتي ومراهقتي عديمة الأهمية في هذه اللحظات، أو عن الشخص المناسب الذي لن يمل من أسئلتي الوجودية وشعوري المتزايد بفقدان الثقة والقيمة.. كل هذا لا أفكر فيه..
فقط أفكر كيف أتخلص من هذا الاختناق والصداع اللذان لا يتركان لي مساحة نوم أو عمل أو حتي حلم من أحلام الماضي البريئة جدا.. الساذجة جدا.

الخميس، 23 مايو 2013

مرة واحدة


 

أشعر أني أتحول لكائن لزج وسخيف.. أسمع صوت لزوجتي بنفسي، وأنا لا أشارك هذه الحقيقة مع أحد كنوع من التبرير لسخافتي في الأيام السابقة، الأمر يخصني وحدي ولا يخص غيري..

أفكر أحيانا أني في حاجة إلى مجموعة جديدة تماما من الأصدقاء/ مع الأصدقاء الجدد فقط نستطيع أن نصدر الصورة التي نريدها، أن نعودهم على الشخصية التي نحب أن يعتادوا عليها، ليس هناك توقعات ولا صور ذهنية ولا انطباعات متحجرة ومقيمة، فلنكن من نريد أن نكون، سواء صدقنا أو كذبنا!

من المؤذي أن الآخرين يكونون انطباعهم عنك مرة واحدة، صحيح أن هذا الانطباع لا يتكون من النظرة الأولى ولا الكلمة الأولى ولا الضحكة الأولى ولا حتى جلسة البوح الأولى أيضا، ولكنها مرة واحدة تستغرق ما تستغرقه، يفشلون بعدها في الحركة معك، يفشلون في تخيلك خارج الاطار المرسوم لك في رؤسهم.. إنها لعنة الأطر..

كيف تقنع الآخرين أن بداخلك آخر تريده أن يأخذ حريته، تريدهم أن يروه، تريد له طريقا من النور بعيدا عن السخريات والضحكات المتهكمة؟

كيف تقنعهم أنك تتعثر وتتردد وتبحث عن نفسك وعن طريقك، وأن كل ما تحتاجه منهم ألا يعولوا عليك أكثر من اللازم، ولا يخذلوك.. وأن يبقوا قلوبهم على نفس المسافة منك لا أكثر!

كيف تعرفهم أنك تريد مساعدتهم حقا.. لكن دون أن يجروك من رقبتك!

وكيف تقنعهم أنك تتغير.. أكثر من هذه الـ مرة الواحدة التي يكونون فيها انطباعهم عنك!

الاثنين، 20 مايو 2013

التباس

علاقتي بالأشياء حولي أصبحت ملتبسة/ مجنونة.. جدا.

محاولتي للتدوين اليومي تجعلني أخف، وتجعل الحياة مكانا قابلا لعيش ألطف..

أنظر لنفسي في المرآة لوقت طويل جدا.. وهذا سبب مناسب –رغم كل شيء- للشعور بالتصالح والقرب والرضا..

أتأمل كل البدايات والنهايات.. وأعيد قراءة الجمل المبتورة في حياتي.. وأفكر.. هل تتم يوما ما؟ وما تكون تتمتها؟

هذا الرضا طيب.. وهذا الالتباس حتما مرحلة أفضل كثيرا من عتمات/ عثرات/ لعنات سبقت..

صوت قوي بداخلي يلومني ويدفعني لترك كل الخيوط الضعيفة من يدي.. وليحدث ما يحدث، وصوت آخر ليس بنفس القوة يقول لي: تجاهلي الأمر برمته..

ولكني في الحقيقة أشعر أن أكثر ما سيعيد لي حريتي واتزاني وشعوري بأني "أنا"... أن أحسم كل الأشياء المعلقة، أيا كان اتجاه هذا الحسم..

التجربة تستحق..

والحياة خلقت.. لتعاش يا آية!


 

السبت، 18 مايو 2013

اعتراف

وأنا صغيرة كنت بخاف اوي.. بخاف عموما، من الضلمة ومن الوحدة، وكنت بترعب لو ماما غابت عن عيني دقيقتين.. وببدأ ادور على اي حيل دفاعية استخبي فيها عشان اداري قلقي أو أعمل قوية..

لما كانت بتوديني الحضانة، كنت بنام، عشان الوقت يعدي بسرعة.. ولما كانت تسيبنا وتنزل تجيب حاجة من تحت البيت وتقول هغيب 10 دقايق، كنت بقضيهم وأنا ببص في الساعة وبحسبلها بالدقيقة، وبعدد دقات قلبي برضو..

ولما كبرت شوية وابتديت اعرف اني المفروض اكون شجاعة، وابطل اتخيل ان الظل اللي في الاوضة فاس بتاعت حرامي، أو راس جني، أو فخ عملاه عصابة بتخطف العيال..

طورت شوية حيل تانية.. اسمها "الهبل".. اللي بلغوش بيه بصوت عالي على أي قلق أو خوف أو وحدة جوايا..

النهاردة لما لقيتني فجأة مرمية وسط ناس كتير معرفهاش والدنيا زحمة ودوشة، ومفيش أي مبرر منطقي جوايا يفهمني أنا هنا ليه.. لقيت نفسي بدور على أي حيلة تنقذني.. وبخطف الموبايل من الشنطة وبجري على بره وأنا بدور على أي كائن بشري أتصل بيه أقوله أي حاجة! رغم أني مكنتش عايزة أي حد ولا محتاجة أي حاجة..

الموقف ده خلاني أبص لشوية السنين اللي فصلت بين طفولتي وبين اللحظة دي.. واكتشف أني متغيرتش! ومتعالجتش!


 

الجمعة، 17 مايو 2013

حياة

أصدق تماما أن أحد أكبر معجزات الله في هذه الحياة أنه رغم كل الذكريات السيئة/ اللحظات المحبطة/ قطمات الروح/ سارقو الفرح والأحلام/ أيام السهر والبكاء/ الذين نكرههم ويكرهوننا/ الذين يحسدوننا ونهرب منهم/ الفشل تلو الفشل/ الاحتياج/ الخوف، العجز.. لا زالت لدينا القدرة على الفرح/ النسيان/ التقاط التفاصيل الصغيرة المبهجة.. الحياة!

إننا أحياء رغم كل شيء!!

أنانية

حسنا.. ليس من المنطقي أن أسب نفسي كلما ضقت بها لأي سبب صغير أو تافه، يفترض أني أكبر من هذا وأعقل، وأن عشرتنا الطويلة معا –أنا ونفسي- تجعل لها رصيدا عندي يكفي لأن أحتملها وأصبر عليها.. حتى في أوقات مثل هذه!

أنا لست سيئة في المطلق، وبما أني لست في مزاج يسمح لي بتعديد ميزاتي بهدف (التصبيرة).. فأنا إنسان لا بأس به على أي حال! وهذا أمر يحتمل عند معظم الناس كما أظن!

الألم ليس أصعب ما قد نمر به، الألم نعرف أنه "ألم" نستجمع قواتنا بشكل ممنهج وتدريجي للقضاء عليه وتجاوزه، نفكر في ما يطرده ويقضي عليه ونبني طوبة خلف الأخرى لنجعل بيننا وبينه سدا كبيرا، والأذكى.. يستطيعون أن يستبدلون السور المرتفع بطريق طويل، بمسافة كبيرة وخطوات واسعة..

ما يزعجني الآن في الحقيقة ليس الألم بالمرة.. وهذا في حد ذاته شيء يستحق شكر الله وحمده ألف مرة..

ولكنها سطور متتالية لأسطورة مكونة من العجز.. والكراهية.. والخوف.. والقلق.. والاحتقان.. والرغبة في الانتقام..

على كل.. صرت أعرف تماما أني إن لم أهتم بنفسي كما يجب.. فلن يفعل أحد..

فليكن.

الاثنين، 13 مايو 2013

تعديل بسيط


 

في خانة الـ about me على مدونتي الشخصية –هذه- اكتشفت –بالصدفة- أني كنت قد كتبت قبل حوالي 4 سنوات!!:

أحيا في المنطقة رائقة الشفافية بين الخيال و الواقع ...أنقذ زيف الذاكرة و تمردها .... بالحكي .

حسنا..

التعريف المعدل يجب أن يكون كما يلي:

لا أحيا في أي منطقة، ولا أعرف تماما ما هي الشفافية أو الرائقة، ولا أنتمي إلى الخيال ولا إلى الواقع، ومستسلمة تماما لزيف الذاكرة، ولا أقاوم تمردها.. ولا سبيل لدي إلى الحكي..


 


 

 
 

أوركــــيد أبيض Copyright © 2009 Flower Garden is Designed by Ipietoon for Tadpole's Notez Flower Image by Dapino