الخميس، 21 مايو 2009

رسالة



عزيزتي المسافة الجغرافية :


أعرف أن العلاقة بيننا قديمة جدا، و أعرف أنها أبدية أيضا . أعترف أنني رغم إداركي لك تماما ، لم أنشغل بك ، و لم أعبأ ، كنت حريصة دائما على أن أبقى الأقوى ، و أن يظل الأمر بزمام يدي أنا .. لا بيديك .

لم أعتبرك عائقا يستحق العناء عندما قررت أن أبدأ حلمي في القاهرة ، و لم أخش على صداقاتي تلك التي خلفتها هناك بعد أربع سنوات .. انقطاعا ، أو تفككا ، بسببك . أعترف أنك كنت آخر ما أفكر به ، و أني كنت أراك ربما أهون المشكلات و أبسطها على الإطلاق.

أشعر أن تغيرات واضحة آخذة في الظهور في منحنى علاقتنا ، أصبحت أخشاك أكثر ، و أصبحت اتساعاتك تخرج زمامها من يدي .

عزيزتي المسافة الجغرافية ، ذلك اليوم الذي قضيت فيه قرابة ثلث الساعة محاولة أن أقنعها أني بخير ، و هي تلح بسؤالي ( مالك؟؟) ، في صندوق المحادثة الصغير، شعرت أني أحتقرك يا تلك المسافة ، شعرت أني مهزومة أمامك ، و أن تلك التحديات التي أطلقت صيحاتها مستهزئة بك ، و مدمرة لأي و كل رهبة لك في صدري ، رغم اتهامات الآخرين لي - كل الآخرين - بالبرود و اللامبالاة ، كانت محض وهم أدافع به لا شعوريا عن هشاشة تعتريني في حضرتك .

كنت أجزم دائما و في كل المرات أن حضوري الإنساني سيبقى مكتملا ، و بذات البريق ، رغما عنك ، الآن أفكر ألف ألف مرة ، أني جانبني الصواب ، و تخلى عني لأوهام القوة تلك التي أتقنها جيدا .


كنت أركن كثيرا لمضغة الصدر و أعتمد عليها، أترك لها التأويل و التفسير ، و أصدقها ، في المرات الكثيرة التي كنت تحولين فيها دون اقترابي في الوقت المناسب ممن أحب ، أو ممن يبحث عن وجودي ، كنت أترك لهذا المضغة العنان ، لتأتيني بالأخبار ، تحركني للاطمئنان مرة و تقذفني للقلق مرات .


عزيزتي المسافة الجغرافية ، مشكلتي معك قديمة ، بعمر زعمي بأن احتلالي للمساحات النفسية ، قادرا على جعل كل المسافات الجغرافية هباء منثورا ، و أن الاحتلال النفسي ، أقوى و أشد وطأة ، و أنه لن تعجزني حيلة ، و أن كل تكنولوجيا الاتصالات في صفي ، بل و التخـــــــــــــاطر عن بعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــد .

هذا التخاطر، الأزمة الأسطورية في حياتي التي أتشكك فيها الآن أكثر من أي وقت مضى، و أسحب منها ثقتي شيئا فشيئا ، تاركة العنان لحواسي الخمسة فقط دون حدسي ، مقتربة من العيانية في ابتعاد مجروح عن الروح .. التي أكتشف أن مراهناتي عليها ، لم تتعد نجاحاتي فيها حدود الصدفة ، فقط الصدفة .

يا حضرة المسافة الجغرافية :
التخاطر عن بعد هو حيلتي الأبدية في الانتقام منك و تجاوزك و اختراقك .
أذكر قبل 7 سنوات عندما راهنتها أن يبصر ذاك الفتى الذي سميناه لأكثر من سنيتن ( سين ) ، بمشاعري المُراهِقة الساذجة نحوه ، معتمدة فقط ... على التخاطر عن بعد . و وافقتني معتمدة على ما سأجنيه من فشل أو بالأحرى ما سأجنيه من .... اللاشئ :) .

لا أذكر اسم الفيلم الأمريكي الذي بلور علاقتي الحقيقية بالـ telepathy ، أذكر أن عصابة كانت تختطف البطل و البطلة كلا على طرف من أطراف المدينة ، و اعتمدت العصابة على هذه المهارة الأسطورية ، و هذا الاتصال العقلي الوجداني بينهما ، في أن يخبر البطل البطلة بمكان مفتاح خزينة ربما ، عن طريق هذا التـــخاطر ، و نجحا بالطبع .
يستغرق مني هذا الأمر وقتا ، و تستغرقني محاولات الفصل بين ما هو صدفة ، و ما هو تخاطر ، انشغالي بفكرة التخاطر عن بعد ، تقودني في بعض الأحيان للتفكير بالمسافة الحقيقية الفاصلة بيني و بين الجنون .

رغبتي مساء في شرفتنا أن يلتقط أحدهم بالذات طرف خيط من أفكاري ليتناولها فيحدث ، أو هاجس يخبرني بأنها على سفر فأسألها و أتحقق و نندهش ، و هاجس آخر يشعرني أنه مريض .. و يتركني للتآكل هذه المرة دون تأكد !
لازال في قناعاتي بالتخاطر هذا الكثير من اليقين ، أما أنت يا حضرة المسافة الجغرافية ، رغم ثقتي أن الاحتلال النفسي أقوى منك و أشد وطأة .. إلا أني لن أتجاهلك بعد الآن.
******
من هلاوس الامتحانات الأخيرة

هناك 7 تعليقات:

Yasmine Adel Fouad يقول...

انا عشت عمرى كله مشتته فى بقاع الأرض ، شغل والدى كان بيتطلب تنقلات كتير - و هو مش ظابط بالمناسبة :) - من ولادتى لحد سن 19 كنت بتنقل روحت حوالى 8 اماكن مختلفة و لانى اجتماعية كان عندى اصحاب كتير ، بس مكنتش بهتم اوى بموضوع انى انهى علاقات لحد سن 10 سنين بعد كده قعدت ف مكان واحد 6 سنين و كانت دى اطول مدة و ف نفس الوقت كانت فترة مراهقتى و لما اتنقلنا بعدها حسيت انى اتكسرت من جوه فاكرة اخر يوم لينا ف المكان كنت بقف ف كل ركن و اعيط ، صحيح فضلت على علاقتى بالناس بعد كده كذا سنة بس حسيت انى مش عايزة اعمل صداقات هتبوظ بعد كده و بقيت كل ما اروح بلد ابقى صاحبة الناس لكن محدش اكلمه عن نفسى الا فيما ندر و دخلت الجامعه و صاحبت ناس و رجعت سيبت الجامعه و روحت جامعه تانيه ف بلد تانيه و هكذا


دلوقتى ليا اصحاب كتييييييييير و فيه ناس من بتوع زمان لسه بكلمهم و يكلمونى ، كنت كتير بحس نفسى عادية يعنى و حياتى طبيعية و بعدين ادركت بشكل محسوس مش ملموش انى مختلفة ، مقدرش اشرحلك لانى مش ماسكة الاحساس بس كنت دايما قوية مع انى من جوايا مش بالضرورة كده ، مكنتش بسمح لنفسى اتكسر ببساطة ، معنديش انتماء لمكان على الاطلاق اه بحب القاهرة و كل حاجه بس مبحسهاش ، اه لما بسافر بتوحشنى و بحب ارجع لكن متأكده انها مش مكانى


يعنى .. مش عارفه انا خرجت م الموضوع و للا دخلت ، بس اهم شئ انك تبقى مردكة الحقيقة لو فيه مشكلة تبقى عارفاها و لو مفيش يبقى خلاص لكن اياكى و نكران الشئ

و مين عارف رب ضارة نافعه


مبسوطة اى انى هنا ، عاجبنى المكان و حاسة بالفه نفسية رائعة و بدفا مش طبيعى


بالتوفيق ف الامتحانات

MaNoO يقول...

أنا قلت برده الكلام دا لازم يكون هلوسة امتحانات مش حاجة تانية ربنا يخلصنا كلنا منها على خير
تعرفى انا طول عمرى بفكر فى الموضوع دا لكن مفكرتش يوم من الأيام ارتب الكلام فيه او اسميه حتى لانى بخاف منه بخاف من اى مسافة وما أكثرها فى حياتنا ومعتقدش انا لتخاطر عن بعد هوا حل ليها او لاختراقها لانه مش هيمنح اكتر من راحة مؤقتة انما تظل هواجس ونقاط تفكيرك فى المسافة موجودة الح الى بشوفه وحاولت اعمله هو محاولة التقمص هو يساعد على منحك أكبر فترة بدون التفكير فى تلك المسافة تقمص الوقت والمكان والحالة النفسية التى تجعلك بعيدة عن التفكير فيها
أروح أمل مذاكرة بقى وبعدين بلاش الحاجات اللى فيها تفكير دى ايام المذاكرة
وخديها نصيحة لو عايزة تخترقى المسافة عليكى وعلى التوك توك وكله هيبقى تمام
تقبلى اجترامى ومتميزة كالعادة

عمرو يقول...

أهلا آية (أنا هنا ههه)
المسافة الجغرافية هي أهون المسافات.. فيه ناس كتير بيبقوا جنبنا ومش جنبنا..
تعملي إيه لو ربنا بعت لك حد والتخاطر ده نجح. أنا حصل معايا ده. افتكرت إني باحبها عشان بتخاطر معاها. وبعدين اتجرحت جرح كبير.
المسافة النفسية أصعب من الجغرافية والتخاطر ما هو إلا تليفون.

أهلا "أنا حرة" حكايتك وجعتني مع إني متأكد إنك دلوقتي اتعودتي على انك تفارقي اصحابك. أنا بعد الجامعة عانيت من إني عارف فوق المية وخمسين ولد وحوالي عشر بنات وإني مش هاشوفهم تاني. لذلك في دبلومة تمهيد الماجستير ما رضيتش أكلم حد خالص. الناس افتكروني مغرور. بس أنا قلت على إيه تحب الناس وتصاحبهم وانت مسيرك مفارق.

أحلى بنات يقول...

أهلا بك يا آية
موضوع جميل ومشوق
الى الامام
على فكرة انا سلمى بنت عمتك لو مش عارفة
اتمنى تزوري المدونة الجديدة دي لأن دي مشترك فيها ناس كتير
وهتعجبك ان شاء الله
ويا ريت تقولي رأيك في كل حاجة هناك
عشان بنهتم بالآراء

بسمة ولكن.. يقول...

أكره المسافات الجغرافية
أزعم أن الاحساس بها لفترة طويلة قد يؤدى للاصابة بدوالى المرئ
أكره تأثيرها على العلاقات الانسانية

وأكره ضعاف النفس ممن يتأثرون بها سريعا ويسلمون أنفسهم لها
ضاربين عرض الحائط
أكرههههههههههها
واكتبى بوست تانى بسرعة عشان تنزليها تحت

آيــة يقول...

أنا حرة :

انتي جوه الموضوع اوي جدا خالص بالضبط و في الصميم .. بيني و بينك أنا عملت زي عمرو كده .. خدت الصدمة و ركنت على جنب .. و قلت مش عايزة اعرف حد تاني .. ما دام كله هيمشي في الآخر ..
مش عايزة وجع قلب ..
كان زمان أسهل إني أنكرها .. دلوقتي بقت أكبر مني بكتير .. و معادش ينفع أقول أنها مش مشكلة .. أو أنها مش موجودة .. أو اني أقوى منها .. للأسف

انا كمان فرحانة اوي انك وصلتي هنا .. عارفة مدونتك من زمان أنا على فكرة .. بس مش ممن يجيدون فن التعليق .. إلا فيما ندر
:)
نورتي


مانوو:
:)
التخاطر حل وهمي أحيانا أكتر منه حل حقيقي ، زي ما يكون مسكن مثلا ، أو محاولة للهروب المقّنع ..
شد حيلك ... ربنا يوفقك في المذاكرة و الامتحانات يارب :)


عمرو :(اللي هنا )
الفكرة اني كنت بتجاهل المسافة الجغرافية من أساسه .. بنكرها ،و بقول أن المسافة اللي بجد .. هي المسافة النفسية ..
أكره الجروح عموما ، و كلامك هيخليني أبص لأن فيه أوقات بيكون التخاطر فيها مش ميزة أبدا ..
و غالبا هيطلع معاك حق .. و هيطلع أوقات .. لعنة ..

يبدو أن السنة التمهيدية للماجستير سنة عزلة ... مش عندي بس.


سلمى :
مشوق ازاي !! ؟
:)
رحت المدونة الجديدة .. مبروك عليكم يا بناتيت .. شدوا حيلكم بقى و اعملوا حاجات حلوة ... طلعوا المواهب العظيمة المستخبية بقى :)


بسمة :
أكره ضعاف النفس أكثر من كرهي للمسافة الجغرافية يا بسمتي ..
يبقى أنه في النهاية .. ليس بيدينا و لا بيديهم الكثير ... فقوتها و سطوتها تفرض نفسها علينا . و عليهم ..
الزمــــــن
تذكرين ؟؟؟
كفيل بكل شئ ..
فصبر جميل :)

عمرو يقول...

أنا التمهيدي عندي كان سنتين على فكرة

دلوقتي انتي غايبة ومش بتدوني.. على الأقل اقري مدونتي.. دي موصوفة لأيام الامتحانات على فكرة
:)

 

أوركــــيد أبيض Copyright © 2009 Flower Garden is Designed by Ipietoon for Tadpole's Notez Flower Image by Dapino